ﯾﻘﺪم اﻟﻜﺘﺎب ﺗﻮﺻﯿﻔﺎ ﻟﺒﯿﺌﺔ ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ "ﻏﺎﻟﺘﺎ" و "ﺑﯿﺮا" ﻓﻲ إﺳﻄﻨﺒﻮل ﺧﻼل اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ و ﻣﺎ اﺗﺴﻤﺘﺎ ﺑﮫ ﻣﻦ ﺗﻌﺪدﯾﺔ ﺳﻜﺎﻧﯿﺔ، ﻓﯿﻘﺪم دراﺳﺔ ﻟﻸﺑﻨﯿﺔ اﻟﻤﻌﻤﺎرﯾﺔ و ﻟﻠﺒﯿﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﻤﻨﻄﻘﺘﯿﻦ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻟﺨﺼﺎﺋﺼﮭﻤﺎ اﻟﺒﻨﯿﻮﯾﺔ و اﻟﻌﻤﺮاﻧﯿﺔ. و ﯾﻌﺪ ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ اﻷول ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻋﺘﻤﺎده ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮاد اﻟﻤﻘﺘﺒﺴﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻓﻲ دراﺳﺔ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﻤﻨﻄﻘﺘﯿﻦ، إذ ﯾﺘﻢ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﺛﻼث ﺻﺤﻒ ﻓﺮﻧﺴﯿﺔ ﯾﻮﻣﯿﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺪر ﻓﻲ إﺳﻄﻨﺒﻮل ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﻋﺎﻣﻲ ١٨٤٨ و ١٩٠٠ و ھﻲ ﺟﻮرﻧﺎل دو ﻛﺴﺘﺎﻧﺘﯿﻨﻮﺑﻞ و ﻻ ﺗﻮرﻛﻲ و ﻟﻮ ﻣﻮﻧﯿﺘﯿﺮ أورﯾﻨﺘﺎل و اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮھﺎ ﻣﺆﻟﻔﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻛﻮﺳﯿﻠﺔ ﺗﻮاﺻﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﺗﻌﻜﺲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻزدھﺎر اﻟﺘﻲ وﺻﻠﺖ ﻟﮭﺎ و ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ إﻋﺎدة ﺗﺼﻮر ﻧﻤﻂ ﺣﯿﺎﺗﮭﺎ اﻟﻔﺎﺧﺮ اﻟﺬي اﻧﺪﺛﺮ ﻣﻊ اﻟﺰﻣﻦ. و ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺴﯿﺎق ﺗﻔﺘﺮض اﻟﻤﺆﻟﻔﺔ أن ھﺬه اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻢ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺳﻮف ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﯿﺌﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ ﻟﻤﺪﯾﻨﺔ إﺳﻄﻨﺒﻮل إذ أن ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ "ﻏﺎﻟﺘﺎ" و "ﺑﯿﺮا" ﻗﺪ ﺷﮭﺪﺗﺎ ﺣﺘﻰ اﻵن ﺗﻐﯿﺮات أﻗﻞ ﺑﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻐﯿﺮات اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﻨﺎطﻖ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ.
و ﺗﺸﯿﺮ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺘﻌﺪدﯾﺔ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ و أﺛﺮھﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻐﺮﯾﺐ اﻟﺘﻲ ﺧﻀﻌﺖ ﻟﮭﺎ ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ، ﻓﺘﻘﺪم ﺷﺮﺣﺎ ﻟﻤﻔﮭﻮم اﻟﺘﻐﺮﯾﺐ و دور ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ ﻧﻘﻠﮫ ﻟﺒﻘﯿﺔ أرﺟﺎء اﻻﻣﺒﺮاطﻮرﯾﺔ. ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻨﺎول ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻟﺴﻜﺎن و اﻟﺘﺎرﯾﺦ و ﺑﻌﺾ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻌﻤﺮاﻧﯿﺔ و ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺴﻠﯿﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺎن ﺑﺎرزة ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺒﺎﻧﻲ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ و اﻟﺘﺠﺎرﯾﺔ و اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﯿﺔ و اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﺴﻜﻦ أو اﻟﺘﺴﻠﯿﺔ و اﻟﺘﺮﻓﯿﮫ.
و ﯾﻮﺿﺢ ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ أﻧﮫ ﺧﻼل اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢ ﻏﺎﻟﺘﺎ و ﺑﯿﺮا »ﺑﻘﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﻜﻨﮭﺎ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﺸﺮق« و ھﺬا ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن ھﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ اﺗﺼﺎل وﺛﯿﻖ ﻣﻊ أوروﺑﺎ و ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻛﻞ أﻧﻮاع اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻮﻓﺮة ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻛﺎﻧﺖ أﯾﻀﺎ ﻣﺘﻮﻓﺮة ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺰاﻣﻦ. ﻛﻤﺎ أن ﻧﻤﻂ اﻟﺤﯿﺎة ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻛﺎن ﻣﺸﺎﺑﮭﺎ ﻟﻨﻈﺎﺋﺮه ﻓﻲ ﻣﺪن ﻣﺜﻞ ﺑﺎرﯾﺲ و ﻓﯿﯿﻨﺎ، و ﺗﺠﺪر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ھﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻗﺪ أظﮭﺮت ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﺘﻤﺪﻧﺔ ﺗﻌﺪدﯾﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺷﺎﺋﻌﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺎطﻖ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﺸﺮق.
ﻣﻦ ﺟﮭﺔ أﺧﺮى ﻓﺈن ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻟﻢ ﯾﺄﺧﺬ ﺑﺎﻟﺤﺴﺒﺎن اﻟﺼﺤﻒ اﻟﺼﺎدرة ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ أو أﯾﺔ ﻟﻐﺔ أﺧﺮى ﻏﯿﺮ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ إذ اﻋﺘﻤﺪ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺜﮫ ﻋﻦ ھﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﮭﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺘﻲ طﺮﺣﺘﮭﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺼﺤﻒ اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ، ﻛﻤﺎ اﺳﺘﻌﺎن أﯾﻀﺎ ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﻤﺬﻛﺮات اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ و ﻛﺘﺐ اﻹرﺷﺎد اﻟﺴﯿﺎﺣﻲ و اﻟﻤﻮاد اﻟﺒﺼﺮﯾﺔ اﻟﺘﻮﺿﯿﺤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن أن ﯾﺘﻢ ﻋﺮﺿﮭﺎ ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﺴﯿﻦ ﺟﻮدة اﻟﻄﺒﺎﻋﺔ. ﻟﻜﻦ و ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﯾﻘﺪم اﻟﻜﺘﺎب ﺻﻮرة ﻋﻦ اﻟﺒﯿﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ و اﻟﻌﻤﺮاﻧﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﺎطﻖ إﺳﻄﻨﺒﻮل ﺗﺄﺛﺮا ﺑﺄوروﺑﺎ و ھﻤﺎ "ﻏﺎﻟﺘﺎ" و "ﺑﯿﺮا" ﺧﻼل ﻓﺘﺮة ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﻐﺮﯾﺐ اﻹﻣﺒﺮاطﻮرﯾﺔ.
ﺳﯿﺰم ﺳﯿﺰار
ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺼﯿﻤﻲ
ﯾﻘﺪم اﻟﻜﺘﺎب ﺗﻮﺻﯿﻔﺎ ﻟﺒﯿﺌﺔ ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ "ﻏﺎﻟﺘﺎ" و "ﺑﯿﺮا" ﻓﻲ إﺳﻄﻨﺒﻮل ﺧﻼل اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ و ﻣﺎ اﺗﺴﻤﺘﺎ ﺑﮫ ﻣﻦ ﺗﻌﺪدﯾﺔ ﺳﻜﺎﻧﯿﺔ، ﻓﯿﻘﺪم دراﺳﺔ ﻟﻸﺑﻨﯿﺔ اﻟﻤﻌﻤﺎرﯾﺔ و ﻟﻠﺒﯿﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﻤﻨﻄﻘﺘﯿﻦ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻟﺨﺼﺎﺋﺼﮭﻤﺎ اﻟﺒﻨﯿﻮﯾﺔ و اﻟﻌﻤﺮاﻧﯿﺔ. و ﯾﻌﺪ ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ اﻷول ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻋﺘﻤﺎده ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮاد اﻟﻤﻘﺘﺒﺴﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻓﻲ دراﺳﺔ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﻤﻨﻄﻘﺘﯿﻦ، إذ ﯾﺘﻢ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﺛﻼث ﺻﺤﻒ ﻓﺮﻧﺴﯿﺔ ﯾﻮﻣﯿﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺪر ﻓﻲ إﺳﻄﻨﺒﻮل ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﻋﺎﻣﻲ ١٨٤٨ و ١٩٠٠ و ھﻲ ﺟﻮرﻧﺎل دو ﻛﺴﺘﺎﻧﺘﯿﻨﻮﺑﻞ و ﻻ ﺗﻮرﻛﻲ و ﻟﻮ ﻣﻮﻧﯿﺘﯿﺮ أورﯾﻨﺘﺎل و اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮھﺎ ﻣﺆﻟﻔﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻛﻮﺳﯿﻠﺔ ﺗﻮاﺻﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﺗﻌﻜﺲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻزدھﺎر اﻟﺘﻲ وﺻﻠﺖ ﻟﮭﺎ و ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ إﻋﺎدة ﺗﺼﻮر ﻧﻤﻂ ﺣﯿﺎﺗﮭﺎ اﻟﻔﺎﺧﺮ اﻟﺬي اﻧﺪﺛﺮ ﻣﻊ اﻟﺰﻣﻦ. و ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺴﯿﺎق ﺗﻔﺘﺮض اﻟﻤﺆﻟﻔﺔ أن ھﺬه اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻢ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺳﻮف ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﯿﺌﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ ﻟﻤﺪﯾﻨﺔ إﺳﻄﻨﺒﻮل إذ أن ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ "ﻏﺎﻟﺘﺎ" و "ﺑﯿﺮا" ﻗﺪ ﺷﮭﺪﺗﺎ ﺣﺘﻰ اﻵن ﺗﻐﯿﺮات أﻗﻞ ﺑﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻐﯿﺮات اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﻨﺎطﻖ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ.
و ﺗﺸﯿﺮ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺘﻌﺪدﯾﺔ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ و أﺛﺮھﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻐﺮﯾﺐ اﻟﺘﻲ ﺧﻀﻌﺖ ﻟﮭﺎ ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ، ﻓﺘﻘﺪم ﺷﺮﺣﺎ ﻟﻤﻔﮭﻮم اﻟﺘﻐﺮﯾﺐ و دور ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ ﻧﻘﻠﮫ ﻟﺒﻘﯿﺔ أرﺟﺎء اﻻﻣﺒﺮاطﻮرﯾﺔ. ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻨﺎول ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻟﺴﻜﺎن و اﻟﺘﺎرﯾﺦ و ﺑﻌﺾ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻌﻤﺮاﻧﯿﺔ و ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺴﻠﯿﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺎن ﺑﺎرزة ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺒﺎﻧﻲ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ و اﻟﺘﺠﺎرﯾﺔ و اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﯿﺔ و اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﺴﻜﻦ أو اﻟﺘﺴﻠﯿﺔ و اﻟﺘﺮﻓﯿﮫ.
و ﯾﻮﺿﺢ ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ أﻧﮫ ﺧﻼل اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢ ﻏﺎﻟﺘﺎ و ﺑﯿﺮا »ﺑﻘﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﻜﻨﮭﺎ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﺸﺮق« و ھﺬا ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن ھﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ اﺗﺼﺎل وﺛﯿﻖ ﻣﻊ أوروﺑﺎ و ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻛﻞ أﻧﻮاع اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻮﻓﺮة ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻛﺎﻧﺖ أﯾﻀﺎ ﻣﺘﻮﻓﺮة ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺰاﻣﻦ. ﻛﻤﺎ أن ﻧﻤﻂ اﻟﺤﯿﺎة ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻛﺎن ﻣﺸﺎﺑﮭﺎ ﻟﻨﻈﺎﺋﺮه ﻓﻲ ﻣﺪن ﻣﺜﻞ ﺑﺎرﯾﺲ و ﻓﯿﯿﻨﺎ، و ﺗﺠﺪر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ھﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻗﺪ أظﮭﺮت ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﺘﻤﺪﻧﺔ ﺗﻌﺪدﯾﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺷﺎﺋﻌﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺎطﻖ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﺸﺮق.
ﻣﻦ ﺟﮭﺔ أﺧﺮى ﻓﺈن ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻟﻢ ﯾﺄﺧﺬ ﺑﺎﻟﺤﺴﺒﺎن اﻟﺼﺤﻒ اﻟﺼﺎدرة ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ أو أﯾﺔ ﻟﻐﺔ أﺧﺮى ﻏﯿﺮ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ إذ اﻋﺘﻤﺪ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺜﮫ ﻋﻦ ھﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﮭﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺘﻲ طﺮﺣﺘﮭﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺼﺤﻒ اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ، ﻛﻤﺎ اﺳﺘﻌﺎن أﯾﻀﺎ ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﻤﺬﻛﺮات اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ و ﻛﺘﺐ اﻹرﺷﺎد اﻟﺴﯿﺎﺣﻲ و اﻟﻤﻮاد اﻟﺒﺼﺮﯾﺔ اﻟﺘﻮﺿﯿﺤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن أن ﯾﺘﻢ ﻋﺮﺿﮭﺎ ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﺴﯿﻦ ﺟﻮدة اﻟﻄﺒﺎﻋﺔ. ﻟﻜﻦ و ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﯾﻘﺪم اﻟﻜﺘﺎب ﺻﻮرة ﻋﻦ اﻟﺒﯿﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ و اﻟﻌﻤﺮاﻧﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﺎطﻖ إﺳﻄﻨﺒﻮل ﺗﺄﺛﺮا ﺑﺄوروﺑﺎ و ھﻤﺎ "ﻏﺎﻟﺘﺎ" و "ﺑﯿﺮا" ﺧﻼل ﻓﺘﺮة ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﻐﺮﯾﺐ اﻹﻣﺒﺮاطﻮرﯾﺔ.
ﺳﯿﺰم ﺳﯿﺰار
ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺼﯿﻤﻲ